السيناريو 

خطوة خطوة نحو اعداد الفيلم السينمائي

الحلقة الاولى :
الفكرة synopsis

الفيلم الروائي يعتمد أساسا على القصة السينمائية ، وهذه القصة نأتي بها من عدة مصادر .. فإما أن يكون قد تم تأليفها خصيصا للسينما . أن تكون مقتبسة عن قصة قصيرة أو رواية طويلة إما أن تكون مأخوذة عن مسرحية معينة .

ففي حالة القصة المؤلفة خصيصا للسينما فإننا نجد أن أول مراحل كتابتها هي ( الفكرة ) . ان نواة كل فيلم سواء كان لقطة واحدة تمتد مدة دقيقة أو فيلما ملحميا يمتد ساعات هي فكرة في ذهن شخص واحد . لأن القصة السينمائية لا تولد كاملة النمو .. و إنما من خلال خطوات متتابعة .
والفكرة او الملخص يكتب لمشكلة او صراع وذلك في صفحة او صفحتين مهما كان طول القصة ما مع الاقتراح بالحل او تركه للقارئ . وتحتوى الفكرة على الشخصيات الرئيسية ويذكر فيها زمان ومكان الاحداث .
فإن الفكرة الأساسية هي بداية التصور والإدراك التي يعتمد عليها الفيلم وأسهل طرقها هي من يريد أن يفعل ماذا ، ولماذا لا يمكنه ذلك ؟ تختار شخصية ما تتوق لتحقيق رغبة ما . ثم أوجد ما يعرقل آمال هذه الشخصية فى تحقيق رغبتها من قوى معارضة قادرة على التحرك سواء كان رجلا أو مهمة أو عالما بأسرة يتصدى له .

أما عن كيف تخرج الفكرة السينمائية الى حيز الوجود فهناك ثلاث خطوات لذلك :
– أن تعثر على جانب من موضوع يثير اهتمامك .
– ثم تكشف أو تطور زاوية معينة يمكنك منها أن تنظر إلى ذلك الجانب من الموضوع .
– تصب هذه الفكرة داخل إطار سؤال افتراضي .

ونجد أن الفيلم الروائي تحكمه فكرة سينمائية تعتمد على : موضوع ووجهة نظر . ويتحد هذان العنصران في الفيلم الروائي ليكونا سؤالا محوريا : ماذا يحدث لو ..
هذا السؤال هو الفكرة الأساسية لهذه القصة السينمائية ويمكن بالمثل تطبيق هذا السؤال على أي فيلم تختاره لكي تصل إلى الفكرة الأساسية لكل من هذه الأفلام ولا توجد طريقة محدودة لكيف يمكن للكاتب أن يحصل على الفكرة السينمائية . فقد تخطر الفكرة على ذهنه إذا ما كان متيقظا لكل ما يدور حوله ، وقد تظهر إليه في حلم أو من وحي الخيال أو موقف تعرض إليه أو شاهده أو سمع به . وتكمن وراءه فكرة تصلح كنواة لفيلم سينمائي ناجح .

الحلقة الثانية

من اين يأتي السيناريست بقصة الفيلم ؟؟ وماهي الشروط التي يجب ان تتوفر في القصة حتى تصبح فيلماً ؟؟

المصدر الاول : من القصص الأدبية :
=====================
مما لا شك فيه ان التراث الأدبي والقصصي هو من اهم مصادر القصص السينمائي على الاطلاق ، سواء كان أدباً عربيا محليا او كان ادباً عالميا ، وهو المصدر الأشد غزارة واستمرارية بالنسبة للسيناريست .

ولأن السينما تعتمد في المقام الاول على الصورة والحركة فليس كل عمل ادبي يصلح للتحويل الى فيلم سينمائي .

شروط اختيار العمل الأدبي :
كما قلنا ان السينما تعتمد على الصورة والحركة وهي هنا تختلف عن العمل الادبي الذي لايكتفي بالصورة بل يحتوي على الاحاسيس والمشاعر الداخلية للانسان مما قد يصعب المهمة على السيناريست في اظهار هذه المشاعر على الشاشة ، ولذلك فأساس الإختيار من الاعمال الادبية يمكن في استطاعة السيناريست لتحويل النص الادبي الى نص مرئي يعتمد على الحركة اكثر من اعتماده على المشاعر الداخلية والنوايا .
وهنا نتسائل عن مدى حدود السيناريست في التغيير والتبديل في العمل الادبي ، والواقع ان السيناريست يستطيع ان يبدل ويغير في العمل الادبي بالشكل الذي يراه مناسباً بشرط عدم الخروج عن الاطار العام للقصة ، فالأسماء والأماكن والأزمنة والشخوص هي المتغيرات التي يسمح للسيناريست بالتحكم فيها لتخدم غرضه في الوصول الي الهدف الذي يسعى لإيصاله للمشاهد .
أما الأعمال الاجنبية فيستلزم على السيناريست تمصيرها اولا ، ولا يعني التمصير هنا مجرد تغيير الاسماء والاماكن ، وانما التغيير والتعديل في العادات والسلوكيات التي قد تختلف بالقطع عن عاداتنا وسلوكياتنا العربية والمصرية .

المصدر الثاني : الأحداث العامة :
==================
اذا قرأت الجريدة الصباحية ، او تصفحت الأخبار على الشبكة العنكبوتية يمكنك ان تعرف ماذا يشغل الرأي العام الآن ؟؟
فمابين مشكلات الشباب ، البطالة والتعليم والانتماء … ومشكلات المواطن العربي الفقير ، ورب الأسرة المطحون ، ستجد احداثاً عامة يمكنك ان تبني على أساسها فكرتك السينمائية .
وليس من الضروري ان تتعامل مع الحدث بحذافيره ، بل يمكن التغيير والتبديل والإضافة فيه الي الحد الذي قد يجعلك قد ابتكرت حدثاً عاماً خاصاً بك . وكمثال لذلك خسارة مصر المتكررة في التأهل الى كأس العالم وما قد يترتب عليها من احداث وتداعيات ، هنا يمكن للسيناريست ان يقلبها الي النجاح في التأهل وما يترتب عليه من نتائج . فالحدث العام هنا لا يعد تاريخا ثابتاً بالمعنى المفهوم وانما هو حدث فرعي يحتمل اكثر من نتيجه ، ومثالاً آخر وهو حفر قناة السويس الجديدة مثلا ، فهناك من يراه عملاً نافعاً يزيد من التنمية وتطور البلاد وهناك من يراه عملاً فاشلا يزيد من معاناة المواطن البسيط ، ولذلك فتحديد النجاح والفشل في الحدث العام يكون راجعاً لوجهة نظر السيناريست دون اي قيود عليه

الاقتباس من التاريخ


التاريخ هو ذاكرة الأمم .. وقارئ التاريخ يستطيع الحكم على الشعوب سواء في الماضي والحاضر أو حتى في المستقبل ، وتحتوي قصص التاريخ على لحظات الفوز وانكسارات الهزيمة .. ثورات وأعمال بطولية .. قصص من الفداء وقصص من الغدر والخيانة .. وهذه القصص تمثل مصدراً كبيرا وضخماً للسيناريست في بحثه عن الفيلم .

شروط اختيار العمل التاريخي :
مما لا شك فيه ان القيود الموضوعه على السيناريست عند اختياره عملاً تاريخيا تكون كثيرة ، اهمها هو الحيادية الكاملة في نقل الحقائق والاحداث دون النظر لوجهات النظر الموافقة او المعارضة ، ولا يعني ذلك ان السيناريست يلتزم حرفيا بما جاء بكتب التاريخ ، لأن الاحداث التاريخية والتي قد تستلزم سنوات وسنوات لابد من التعبير عنها فيما لايزيد عن ساعات قليلة هي عمر الفيلم السينمائي ، فالسيناريست يمكنه اغفال او ضغط الاحداث التي قد لا تكون مؤثرة في السياق التاريخي ولا يترتب عليها اي نتائج مستقبلية ، فعندما يتصدي كاتب الفيلم لمعركة حربية تاريخية ، يمكنه ان يغير الشخوص او الاساليب ولكنه لايستطيع ان يغير او يبدل في نتيجة هذه الحرب او المعركة .

المشاهدات اليومية :
قالوا لنا معلمونا الكبار ان السيناريست هو عيون ترى وآذان تسمع … السيناريست يشبه المغناطيس الذي يجذب وينجذب ، وهو كأي انسان يتعرض يومياً للكثير والكثير من الحوادث والاحداث ، ولكن نظرة السيناريست لتلك الحواداث تكون مختلفة عن الشخص العادي ، والتدوين اليومي للحوادث اليوميه والمشاهدات في دفتر خاص هو خير طريقة للحصول على مراجع ومصادر لفيلمه السينمائي ، وليس بالضرورة ان تكفيه هذه المشاهدات لعمل فيلم كامل ، ولكن يمكن للكاتب ان يستعين بها في اضافة مشاهد وشخصيات اخري لفيلمه القائم بالفعل .

الخيال والفنتازيا :
وليس المقصود هنا خيال الكاتب في كتابة القصة السينمائية ، فهذا هو الطبيعي لأي كاتب ومهما كان مصدر هذه القصة ، انما المقصود هنا هو الخيال في معالجة القصة نفسها ، فإذا افترضنا مثلا ان هناك كاتب تخيل وجود قصة حب من اول نظرة ، فهذا هو الخيال العادي للكاتب ، أما لو تخيل الكاتب وجود قصة كره من أول نظرة ، فذلك هو الذي يعد خيالاً في التناول السينمائي .
أما الفنتازيا فهي اللامعقول سواء في الشكل او المضمون ، وسواء كانت فانتازيا تستند الي العلم كالرجوع بالزمن او استكشاف الفضاء او تستند الي الاساطير كمصباح علاء الدين والبساط السحري فالكاتب هنا لايوجد عليه اي قيود تحد من خياله او ابداعه .

الاقوال المأثورة والامثال الشعبية
==================

والإثنان هم جزء لا يتجزأ من موروثنا الثقافي والاجتماعي ، وفي الغالب ان هذه الاقوال والأمثال قد ظهرت بمناسبة وقوع احداث او قصص تدل عليها ، فالقول المأثور او المثل الشعبي هو نتاج حادثة او واقعة ، فهذه الاقوال والامثال تمثل قصصاً قصيرة من سطر واحد ، ولذلك فبإمكان الكاتب تحويلها الي قصة طويلة بعد اضافة مجموعات من التفاصيل والاحداث التي تؤكد هذه الاقوال . فإذا قلنا ” انت تريد وانا اريد والله يفعل ما يريد ” فإننا نستطيع ان نتصور فيلماً كاملاً بشخوصه ومكانه وزمانه يصف لنا هذه المقوله ، وتجعل المشاهد يخرج من الفيلم وقد علقت بذهنه وآمن بها .

الأغنية :
=====
ليس هناك فارق كبير بين الاغنية والقصة الادبية ، والفارق هنا هو الاسلوب المتناغم في الكتابة وتوافق الكلمات مع بعضها حتى يمكن التعبير عنها موسيقياً ، والاغنية قد تصف الاحاسيس والمشاعر الداخلية للإنسان ، قد تصف معاناته النفسية او حالاته المعنوية ، إلا انه في بعض الاحوال قد تصف الاغنية احداثاً وافعالا يمكن ان يستقي منها كاتب السيناريو فكرته السينمائية ، فإذا قالت الاغنية ” اراك عصي الدمع شيمتك الصبر ” لن يكون الكاتب قادراً على تحويلها لصورة ، أما اذا قالت الاغنية ” حبيبها ، وروت لى ماكان منك ومنهم ! فهم كثير … ولكن لا شىء نعرف عنهم ! وعانقتنى ، وألقت برأسها فوق كتفى ”
فسيجد لديه ما يستطيع استخلاصه من خلال الصور الموجودة بالأغنية .

المكان المميز :
=========
بلادنا العربية مليئة بالأماكن التي تحتوى على طابع خاص ومميز ، قد تكون الميزة في الغموض الذي يرتبط بالمكان ، او قد تكون الميزة في تصميمه المعماري العتيق ، او قد نجدها في الاحداث التي مرت عليه ، فمكان مثل القاهرة القديمة وبيوتها ذات المشربيات ، ومكان مثل سور القاهرة الذي علق عليه رؤوس الحكام والملوك ، ومكان مثل عمارة قيل عنها انها مسكونة بالأشباح ، كل هذه الاماكن قد تتناسب مع كاتب يبحث دائما عن فكرة او حكاية لفيلمه الجديد .

الحلم :
====
العقل البشري ليس له حدود ، وحتى الآن لم يستطع الانسان ان يسبر اغواره بشكل جلي ، والحلم يمثل مجموعة من الخواطر والمشاهدات الموجوده داخل العقل الباطن ، إلا ان الحلم يخرجها للإنسان بشكل عشوائي مما يفتح المجال للإنسان ان يشاهد حلمه بشكل مغاير تماما عن الحقيقة ، فمثلا اذا كان الانسان يحتفظ داخل ذاكرته بأشخاص معينه ، وبأماكن معينه ، وبأزمنه معينه ، فإن الحلم قادر على تجميع هذا الخليط في قصة واحدة ، فالإنسان الذي يحتفظ بذكرى والده ويحفظ مكان عمله ويحفظ ذكريات طفولته ، قد يجد ذلك الخليط في حلم عن مقابلته لوالده وهو طفل صغير و في مكان عمله … هذا الخليط السحري قد يستقي منه الكاتب احداثاً او مواقفاً قد تساعد في بناء فيلماً جديداً .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق